إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
51271 مشاهدة
كُتُب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك

...............................................................................


ثم في سنة ست، السنة التي بعد الأحزاب حصل الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين قريش ويُسَمَّى صلح الحديبية على وضع الحرب عشر سنين؛ يعني لانتظار ما يحصل، فلما حصل هذا الصلح بينهم وبين المسلمين في تلك المدة كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى رؤساء المشركين، ورؤساء النصارى، والْفُرْس يدعوهم إلى الإسلام .
أرسل كتابًا إلى كِسْرَى الذي هو رئيس الفرس، ولكن كسرى مَزَّق الكتاب لما قرأه، دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يُمَزِّقَهُ الله كل مُمَزَّق، استُجِيبَتْ دعوته، فلم يَبْقَ له ملك! وفتح المسلمون العراق ثم فتحوا خراسان ثم تابعوا كسرى الذي يُسَمَّى في ذلك الوقت يزدجرد إلى أن استأصل ملكه، ولم يبق له ملك، مع أنه كان يملك نصف الدنيا: يملك العراق ويملك خراسان ويملك البحرين ونحوها، ويملك الساحل كله الشرقي، ويملك الهند والسِّنْد وتلك البلاد فلم يَبْقَ له مُلْكٌ.
وأمَّا قيصر الذي هو ملك الروم، فإنه أيضًا يملك نصف الأرض، يملك الشام بأكمله الذي هو فلسطين وسوريا ولبنان وتركيا ومصر وإفريقيا كلها والحبشة واليمن وتلك البلاد، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم خطابًا، وكان يدين بالنصرانية، والنصارى أقرب إلى الخير، وإلى الإسلام من الفرس، وقد كان بينهم قتال بين الفرس والروم، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يفرح المؤمنون بانتصار الروم على الْفُرْس، ويفرح المشركون بانتصار الفرس؛ وذلك لأن الْفُرْسَ وثنيون، والروم كِتَابِيُّون، فهم أقرب إلى الإسلام، وأقرب إلى الْكِتَاب.